Thursday, 25 April 2024
A+ R A-

الإيمان بالله ورسوله

Listen to the Friday Speech in English here: Belief in Allah and His Messenger

الحمد للهِ الواحدِ القهّارِ، العزيزِ الغفّارِ، مُكَوِّرِ الليلِ على النَّهارِ، تذكرةً لأُولي القلوب والأبصار، وتبصرةً لذوي الألباب والاعتبار. وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه. صلى الله وسلَّم عليه وعلى كل رسول أرسله وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.

أما بعد عبادَ الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليِّ العظيم القائلِ في محكم كتابه:

﴿وَمَن لَّمۡ يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ فَإِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَعِيرٗا ١٣﴾ (الفتح)

إخوة الإيمان، إنَّ مما يجب على المكلفين الايمانَ بالله ورسوله. وهو أصل الواجبات وأفضلها وأعلاها وأولاها. فأما الإيمان بالله فهو الاعتقاد الجازم بوجوده تعالى على ما يليق به. فهو تعالى موجودٌ لا شك في وجوده، موجودٌ بلا كيفية ولا كميةٍ ولا مكانٍ ولا جهةٍ. وأما الإيمان برسوله محمَّد صلى الله عليه وسلم فهو الاعتقاد بأنَّ محمدَ بنَ عبد الله هو رسول الله إلى الإنس والجن، وأنه صادق في كل ما يبلِّغه عن الله.

فمعرفة الله تعالى مع إفراده بالعبادة أي نهايةِ التذلل هو أعظم حقوق الله على عباده. فمعرفتنا نحن بالله ليست على سبيل الإحاطة، بل بمعرفة ما يجب لله تعالى، كوجوب قِدَمِه تعالى أي أزليَّتِه، ووجوب وحدانيته وعلمه بكل شىء، ومخالفتِه للمخلوقات، وتنْزيهِهِ عما يستحيل عليه تعالى، كاستحالة الشريك له والحدِّ أي الحجمِ والشكل والهيئة والصورة والتحيُّزِ في المكان والجهة، ومعرفة ما يجوز في حقه تعالى كخلق شىءٍ وتركِهِ. فقد قال الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه: غايةُ المعرفةِ بالله الإيقانُ بوجوده تعالى بلا كيفٍ ولا مكانٍ اﻫ أي أنَّ أقصى ما يصل إليه العبد من المعرفة بالله الاعتقادُ الجازِمُ الذي لا شك فيه بوجود الله تعالى بلا كيف ولا مكان. فقوله بلا كيف صريح في نفي الجسم والحيز والشكل والحركة والسكون والاتصال والانفصال والقعود عنه تعالى. فالكيفُ يشمل كلَّ ما كان من صفات المخلوقين. فمَنْ أيقن بأن الله موجود بلا كيف ولا مكان فقد وصل إلى غاية ما يبلغ الإنسان من معرفة الله تبارك وتعالى.

ومعرفة رسوله صلى الله عليه وسلم تكون بمعرفة ما يجب للأنبياء من الصفات، وما يستحيل عليهم، وما يجوز في حقّهم.

ويجب قرنُ الإيمانِ برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالإيمان بالله تعالى. فالجمع بين الشهادتين ضروري للنجاة من الخلود الأبدي في النار. فإن من اعتقد أن الله موجود ولم يؤمن بمحمد فليس بمؤمن ولا مسلم بدليل الآية الآنفة الذكر: ﴿وَمَن لَّمۡ يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ فَإِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَعِيرٗا ١٣﴾ (الفتح)

وليس الأمر كما قال بعض المشركين إنَّا لنُعطَى في الآخرة أفضلُ مما تُعطَوْن. فقد قال الله تعالى مكذِّبًا لهم: ﴿أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ ٣٥﴾ (القلم) أي لا يتساوَى عند الله الذين ءامنوا بربهم والكافرون. وهو استفهام فيه توقيفٌ لهم على خطإِ ما قالوا وتوبيخٌ وتقريعٌ. فيجب الإيمان بالله ورسوله.

إخوة الإيمان، ولا تلتفتُنَّ إلى من يُخالف ذلك فيسوِّي بين المؤمن وغيره، ويدعو الناسَ إلى عبادة ما شاءوا من دون الله والعياذ بالله. فإن الآخرةَ ءاتية، والسؤالُ حق. وأهم ما يحاسب عليه الإنسان هو الإيمان.

أليس رُوِيَ أنَّ بعضَ كفار قريش طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعبد أوثانَهم سَنَةً ويعبدوا إلـٰهَهُ سَنَةً، فأنزل الله تعالى سورة الكافرون؟ فقال عَزَّ مِنْ قائلٍ: بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ

﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ ١﴾ أي قل يا محمد وأمره تعالى أن يخاطبهم بكلمة "الكافرون"

﴿لَآ أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ ٢﴾ أي لا الآن ولا فيما بقي من عمري

﴿وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ ٣﴾ أي لا الآن ولا فيما يُستقبل إذ إنّ الله تعالى عَلِمَ منهم أنهم لا يؤمنون

﴿وَلَآ أَنَا۠ عَابِدٞ مَّا عَبَدتُّمۡ ٤ وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ ٥﴾ هذا توكيدٌ فائدته قطعُ أطماعِ هؤلاء الكفارِ وتحقيقُ الإخبارِ بوفاتهم على الكفر وأنهم لا يُسلمون أبدًا ولا يؤمنون

﴿لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ ٦﴾ وفي هذه الآية معنى التهديد. وليس هذا بترخيص وتخيير بين الإيمان والكفر. فقوله تعالى ﴿لَكُمۡ دِينُكُمۡ... ٦﴾ أي الباطل وهو الشرك الذي تعتقدونه ﴿وَلِيَ دِينِ ٦﴾ الذي هو دين الحق وهو الإسلام أي لكم شرككم ولي توحيدي. وهذا غاية في التَّبَرِّى من الباطل الذي هم عليه.

ومثل ذلك في إفادة التهديد والوعيد قوله تعالى ﴿فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ ٢٩﴾ أي أنّ من اختار الإيمان لا يكون كمن اختار الكفر. بل من اختار الكفر مؤاخَذ، ومن اختار الإيمان مثاب. وبقية الآية تدلُّ على هذا المراد منها: ﴿إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلظَّٰلِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَاۚ وَإِن يَسۡتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٖ كَٱلۡمُهۡلِ يَشۡوِي ٱلۡوُجُوهَۚ بِئۡسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتۡ مُرۡتَفَقًا ٢٩﴾ (الكهف).

نسأل الله أن يحييَنا مسلمين، وأن يتوفانا مؤمنين، وأن يعافيَنا من الفتن في الدين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الحمد للهِ يُصَرّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ* والصلاة والسلام على رسول الله برؤيته تستبشرون* وعلى ءاله وصحبه وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ* وبعدُ عبادَ الله اتقوا اللهَ.

روى أحمدُ عن فروةَ بن نوفلٍ الأشجعىِّ عن أبيه قال: قلت: (للنبىّ) تُعَلِّمُنى ما أقول عند مَنامى! فقال: اقْرَأْ عند منامِك: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ ١﴾، ثُمَّ نَمْ عَلَى خاتِمَتِهَا. فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ.“ ورواه أبو داود بلفظ قريب. وكذلك يُسنُّ قراءتُها فى الركعة الأولى من سنة الفجر وسنة المغرب وفى الطواف. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات.

الجمعة مسجد عمر ٢١ ذو القَعدة ١٤٤٢هـ - ٢ تموز ٢٠٢١ر


Loading...

Share this post

Submit to DiggSubmit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to StumbleuponSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

Search our site

Listen to the Qur'an

Click

كيف يدخل غير المسلم في الإسلام

يَدخل غيرُ المسلم في الإسلام بالإيمان بمعنى الشهادتين وقولِهِما سامعًا نفسَه بأيّ لغةٍ يُحسنها.

وإن أراد قولَهما بالعربية فهما:

أَشْهَدُ أَنْ لا إلَـهَ إلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله

وَهَذا هو التسجيل الصوتي للشهادتين اضغط

A.I.C.P. The Voice of Moderation