Sunday, 06 October 2024
A+ R A-

رمضان مجال للتوبة

الحمد لله وصلى الله على رسول الله.

كان الأكابر يدعون ستة أشهر أن يبلغهم الله رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم. أين حالنا اليوم من حال القوم الذين كان دهرهم كله كأنه رمضان، ليلهم قيام ونهارهم صيام، يروى أن قوما من السلف باعوا جارية فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها فسألتهم فقالوا: نتهيأ لصيام رمضان، فقالت: وأنتم لا تصومون إلا رمضان لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان، ردوني إليهم.

لو يعلم الناس ما في رمضان لتمنت الأمة أن يكون رمضان السنة كلها، ففيه يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران ويبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان، وهذا كله لا يكون في أي زمان إنما يكون في رمضان.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد للقاء رمضان ويستروح نفحاته ويتهيأ للقائه في شعبان فيكثر من الصيام والقيام ويحن إلى لقائه ويقول عندما يرى الهلال: “اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله، هلال رشد وخير.” فاستقبال رمضان والاحتفال به يكون على ما يليق به فهو شهر خيرات وطاعات ومبرات.

مر الحسن البصري رضي الله عنه بقوم في رمضان يضحكون ويلعبون،فقال لهم:”إن الله عز وجل قد جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه،يتسابقون فيه لطاعته، فسبق أقوام ففازوا وتخلف أقوام فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه، والمسئ بإساءته.”

من رحم في رمضان فقد نال حظا عظيما ومن حرم خيره فقد حرم خيرا عظيما، وإن البعض ممن لم يشأ الله لهم الخير يستثقلون رمضان، وبعضهم لا يصلي إلا في رمضان ولا يجتنب كبائر الذنوب إلا في رمضان فيطول عليه ويشق على نفسه مفارقة المعاصي فيعد الأيام والليالي ليعود إلى ما كان عليه وبعضهم لا يصبر على المعاصي ويواقعها في رمضان. روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”من صام إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.قال الخطابي رحمه الله:”إيمانا واحتسابا” أي نية وعزيمة وهو أن يصومه على التصديق والرغبة في ثوابه طيبت به نفسه غير كاره له ولا مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه،لكن يغتنم أيامه لعظم الثواب.

وبعضهم لا يعرف من رمضان سوى الطبخ والسهر والتلفزيون. الإنسان العادي قد لا يصرف للصلاة في اليوم أكثر من خمس عشرة دقيقة ويقضي على التلفزيون أكثر من خمس ساعات فبأي شئ يتطبع اكثر. هؤلاء مثلهم كمثل من عاش ردحا طويلا من الزمن في البئر ولئن سألته كم حجم السماء فيجيبك إنها بحجم فم البئر، لماذا أجاب هذه الإجابة ؟ لأن هذا الحجم هو الذي يراه من فم البئر. ولو شهد له أربعون ثقة أن السماء أكبر فقد لا يصدق، والحل هو أن يخرج من البئر ليرى حقيقة الخسران الذي هو فيه.

هؤلاء نذكرهم بمقولة سيدنا عمر بن عبد العزيز في ءاخر خطبة خطبها حيث يروى عنه أنه قال:

“إنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وإن لكم معادا يفصل الله به بين عباده، فقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شئ وحرم جنة عرضها السموات والأرض، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين يأخذها بعدكم الباقون، كذلك الأمر حتى ترد الأرض إلى خير الوارثين، في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله فتودعونه،وتدعونه في صدع الأرض غير موسد ولا ممهد، قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب وواجه الحساب غنيا عما خلف فقيرا إلى ما أسلف فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته وإني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد منكم من الذنوب أكثر مما أعلم عندي ولكن أستغفر الله وأتوب إليه..”

وعن عيسى بن مريم عليه السلام قال:”إن هذا الليل والنهار خزانتان فانظروا ماذا تضعون فيهما فالأيام خزائن للناس ممتلئة بما خزنوه فيها من خير وشر، وفي يوم القيامة تفتح هذه الخزائن لأهلها فالمتقون يجدون في خزائنهم العز والكرامة، والمذنبون يجدون في خزائنهم الحسرة والندامة.”

فمن لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح…

نسأل الله تعالى أن يتقبل صيامنا وصلاتنا وصالح أعمالنا إنه هو السميع المجيب.

اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة،فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

اللَّهُمَ أغننا بالعلم، وزينا بالحلم وأكرمنا بالتقوى، وجملنا بالعافية.

Share this post

Submit to DiggSubmit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to StumbleuponSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

Search our site

Listen to the Qur'an

Click

كيف يدخل غير المسلم في الإسلام

يَدخل غيرُ المسلم في الإسلام بالإيمان بمعنى الشهادتين وقولِهِما سامعًا نفسَه بأيّ لغةٍ يُحسنها.

وإن أراد قولَهما بالعربية فهما:

أَشْهَدُ أَنْ لا إلَـهَ إلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله

وَهَذا هو التسجيل الصوتي للشهادتين اضغط

A.I.C.P. The Voice of Moderation