Tuesday, 19 March 2024
A+ R A-

التَّحْذِيرُ من مَسَبَّةِ الله

Listen to the Friday Speech in English here: Warning Against Cussing Allah

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهديهِ ونشكُرُهُ ونستغفِرُهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا ومِن سَيّئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ. اللهم صلِّ وسلِّم على سيِّدنا محمد الداعي إلى الخير والرشاد، الذي سَنَّ للأمة طريق الفلاح، وبَيَّنَ لها سُبُلَ النجاح، وعلى ءاله وصفوةِ الأصحاب.

أما بعدُ عبادَ الله فإني أُوَصِّيكم ونفسيَ بتقوى الله العليِّ العظيم القائلِ في مَعْرِضِ الامتِنانِ على الناس: ﴿أَلَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ عَيۡنَيۡنِ ٨ وَلِسَانٗا وَشَفَتَيۡنِ ٩ (البلد) فذَكَرَ نِعَمَهُ على الإنسان بأن جعَل له عينَين يُبصِرُ بهما المَرْئيّات، وجعل له لِسانًا يُعَبِّرُ به عمَّا في ضميرِه، وجعل له شفَتين يَسْتُرُ بهما ثَغْرَه ويستعينُ بهما على النُّطقِ والأكلِ والشربِ والنَّفخِ. ﴿وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ ١٠ (البلد) أي بيَّنَّا له طريقَيِ الخيرِ والشرّ المُؤَدّيَيْنِ إلى الجنَّةِ والنّارِ. قيل إن هذه الآياتِ نزلت في الوليد بن المُغِيرَةِ أحدِ صناديدِ قُرَيش الذي لم يَرْعَ حقَّ الله تعالى فيها فغَمِطَ نِعَمَهُ فلم يشكُرها وكَفَرَ بالمُنعِمِ.

إخوة الإيمان، إن اللسانَ نِعمةٌ عظيمةٌ موجِبَةٌ لشُكرِ المُنعِم.. وشكرُ المُنعِمِ على هذه النعمة يكونُ بتركِ استعمالها فيما حَرَّمَ الله .. ومِنَ الناس مَن لا يَشكُرُ الله على هذه النعمة فيُطلِقُونَ ألسِنَتَهُمْ بما لا يجوز لهم النُّطقُ به وكثيرٌ ما هُم .. ومِن ذلك إخوةَ الإيمانِ الكذِبُ وشَتمُ المسلمِ بغير حق والغيبةُ والنميمةُ وإشعالُ الفِتنَةِ بينَ المسلمين وأذِيَّتُهم بالكلام وغيرُ ذلك مِن مَعاصِي اللسان ..

ومِن الناس من يصلُ إلى أكبرِ الظلمِ ألا وهو الكُفرُ والعِياذُ بالله. فترى الواحِدَ منهم بدَلَ أن يُعظِّمَ نِعمَة الله عليه يستعمِلُها والعياذ بالله في مَسَبَّةِ الله وشَتْمِه سبحانه. منهم مَن إذا غَضِبَ سبَّ الله والعياذُ بالله، ومنهم مَن يسُبُّ اللهَ في حالِ الغضبِ وفي حالِ الرّضا ثم يزعُمُ أنه مسلِمٌ. هيهات. مَن سبَّ اللهَ لا يكونُ مُسلِمًا. فإن المسلِمَ هو من ءامن وصدَّقَ واعتقَد أنْ لا أحدَ يستحِقُّ العِبادَةَ أي نهايةَ التذلُّلِ والخشوعِ والخضوعِ إلا الله وأنّ محمّدًا رسول الله واجتنب ما ينقُضُ الإسلام. المسلمُ مَنْ عَقَدَ قلبَه على تعظيم الله الواحد الأحد التعظيمَ الواجبَ على الدوام. وأما من سبَّ اللهَ فهذا لا يكون مُعَظِّمًا لله ..

مَن سبَّ اللهَ خَرَجَ مِن الإسلامِ وصار مَن الكافرين. ولا يُقبَلُ قولُه بعد ذلك "أنا كُنتُ غضبانَ ولم أُرِد أنْ أكفُر"! فقد بَيَّنَ علماءُ الإسلامِ أنَّ كونَ الشخصِ غاضِبًا لا يُنجِيهِ مِن الوقوعِ في الكفرِ إن تعمَّدَ النطق بالكفر، أي إن لم يكن حصولُ ذلك منه عن سبقِ لسانٍ. فقد نقل الحافظ النووي عن علماء الحنفية وأقرَّهم على ذلك أنه لو غَضِبَ إنسانٌ على ولدِهِ أو غُلامِهِ فضرَبَهُ ضَرْبًا شديدًا فقال له ءاخَرُ أَلَستَ مُسلِمًا فقال لا متعمّدًا كَفَرَ. ومعنى كلامِ هؤلاءِ العلماءِ أنّ المسلمَ إذا غضِبَ غَضَبًا شديدًا على ولدِه فضربَهُ ضربًا شديدًا بسببِ شِدَّةِ غَضَبِهِ فقال له شخصٌ ءاخرُ كيف تضرِبُهُ بهذهِ القسْوَة ألستَ مُسْلِمًا لأنّ مِن شأنِ المُسلِمِ أن يكون رحيمًا ولا يتمادى في الضرب الشديد للولد وإن كان الشخصُ غاضِبًا فكان جوابُ الضارِب (لا) أي لستُ مُسلِمًا مِن غيرِ سبْقِ لِسانٍ ومن غير أن يفقدَ وعيه فيُجَنَّ فإنّه يكفُرُ ولا يكون غَضَبُهُ عُذْرًا له.

وانتبهوا معي إخوةَ الإيمان. مسبَّةُ اللهِ ليست مقصورةً على الألفاظ السفيهة المعروفة بين السُّوقَةِ وأهلِ السفاهةِ فقط كقول بعضِهم باللغة العامية (يِلعَنْ ربَّك) أو (أختْ ربَّك) والعياذُ بالله بل إنَّ مسبَّةَ اللهِ هي كلُّ لفظٍ فيه نسبةُ النقصِ إلى الله .. كلُّ لفظٍ فيه نسبةُ ما لا يليق بالله إليه تعالى كمن يَنْسُبُ إلى الله تعالى الولدَ أو الزوجَةَ أو الحجمَ أو الجسمَ أو الأعضاءَ أو الشكلَ أو المكانَ أو اللونَ أو التعب أو العجزَ أو الجهلَ وكلَّ ما هو من صفات المخلوقين.

ولا تغتَرّوا إخوةَ الإيمانِ بقول بعض الناسِ بأنَّ الذي يسبُّ الله بلسانِه لا يكفُرُ ولا يَخْرُجُ مِن الإسلامِ إن لم يقصِدِ الخروجَ مِن الإسلام وكان قلبه مؤمِنًا، أو أنَّ من سبَّ الله مازِحًا لا يؤاخَذُ. فإنَّ هذا الكلامَ باطِلٌ باطِلٌ باطِلٌ، وذلك لأنه مخالِفٌ لقول الله تعالى ومخالِفٌ لقولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخالِفٌ لإجماعِ الأمّةِ.

فأما مخالَفَتُهُ لقول الله تعالى فقد قال ربُّنا تبارك وتعالى ﴿يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ ... ٧٤ (التوبة) فقد حكم الله عليهم بالكفر بقولهم كلمة الكفر، وقولِهِ تعالى ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ ٦٥ لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ ... ٦٦ (التوبة)

وأما مخالفتُهُ لقولِ النبي ﷺ فقد روى الترمذىّ: "إنَّ العبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ لا يَرَى بها بَأْسًا يَهْوِي بها في النّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا." اهـ بَيَّنَ رسولُ الله ﷺ في هذا الحديثِ أنَّ العبدَ يقولُ الكلِمَةَ وهو لا يراها ضارَّةً له لكنَّها تكونُ مُوجِبَةً لنُزُولِهِ مسافَةَ سبعينَ سنة في جهنّمَ لكون الكلمة كفرًا إن لم يرجِع عنها إلى الإسلام. فقد ورد عن النبي ﷺ أنَّ مُنْتَهى جهنّمَ مسافة سبعين عامًا وأنَّ هذا المكان لا يصلُهُ إلا الكافِر.

وأما مخالفَتُهُ للإجماع فقد نقل القاضي عِياضٌ المالِكِيُّ إجماعَ الأمة على كفرِ مَن سَبَّ الله حيث قال في كتابه الشّفا بتعريف حقوقِ المصطفى: "لا خِلافَ أنَّ سابَّ اللهِ تعالى مِنَ المسلمينَ كافِرٌ." اهـ

فاحذَر أخي المسلم من التساهُلِ في الكلام، وزِنْ كلامَكَ بميزانِ الشرْعِ قبلَ أنْ تُخرِجَهُ مِن فَمِكَ. فإنَّ كلَّ ما تتلَفَّظُ به عامِدًا يكتُبُهُ المَلَكانِ. فقد قال ربُّنا تباركَ وتعالى: ﴿مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ ١٨ (ق) أي كُلُّ لَفْظٍ ينطِقُ به الإنسان يكتبُهُ الملكانِ رقيبٌ وعَتيدٌ. فإمّا لك وإمّا عليك. فاحفظْ لِسانَكَ من الكفرِ وغيرِه من القبيح، فإنك مسؤولٌ عن لِسانِك. أسألُ اللهَ تبارَكَ وتعالى أنْ يحفَظَ علينا إسلامَنا ويحفظَ جوارِحنا مِن الوقوعِ في معصية الله. والمُوَفَّقُ مَن وفَّقَه الله.

هذا وأستغفر الله لى ولكم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد. عبادَ الله اتقوا اللهَ.

نحذّركم من الاحتفال بالفصح النصرانىّ لأنه احتفال يقرُّ بصلبِ المسيح وموتِه ونسبةِ الولد إلى الله. والله جَلَّ وَعَزَّ قال: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ... وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا ١٥٧ بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ ...١٥٨ (النساء) أى إلى السماء. وقال جَلَّ وَعَزَّ: ﴿لَقَدۡ ... ٧٢ لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ... ٧٣ (المائدة).

وفى الحديث القدسىّ: "شَتَمَنِى ابنُ ءادمَ وما ينبغِى له أن يَشْتُِمَنِىوأما شَتْمُه إيَّاىَ فقولُه: اتَّخَذَ اللهُ ولدًا." رواه البخارىّ.

وعن الإمام أبى جعفَرٍ الكبيرِ البخارىّ: "إذا عَبَدَ الرجلُ خمسين سنة ثم جاء يومُ النَّيْرُوز وأهدَى إلى بعضِ المشركين بيضةً يريدُ به تعظيمَ يومِ النَّيْرُوزِ فقد كَفَرَ بالله وحَبِطَ عملُه."

فالنصارى يحتفلون بكفرهم بالله. وأنَّى للمسلم أن يشاركهم فى هذا! فينبغى ألا يفعلَ ذلك اليومَ إلا ما يفعلُه قبل ذلك اليوم. ولا يُهنَّأُ الكفارُ فى أعيادهم لا باللسان ولا بالقلم.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات

خطبة الجمعة مسجد عمر ١٤ رمضان ١٤٤٣ هـ - ١٥ نيسان ٢٠٢٢ر


Loading...

Share this post

Submit to DiggSubmit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to StumbleuponSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

Search our site

Listen to the Qur'an

Click

كيف يدخل غير المسلم في الإسلام

يَدخل غيرُ المسلم في الإسلام بالإيمان بمعنى الشهادتين وقولِهِما سامعًا نفسَه بأيّ لغةٍ يُحسنها.

وإن أراد قولَهما بالعربية فهما:

أَشْهَدُ أَنْ لا إلَـهَ إلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله

وَهَذا هو التسجيل الصوتي للشهادتين اضغط

A.I.C.P. The Voice of Moderation