عِبَادُ الرَّحْمَن قَولًا وفِعلًا: التَّهَجُّد (٢)
Click here to download files
Title in English |
للقراءة باللغة العربية |
God's Worshipers 1: Humbleness & Patience Philadelphia, PA - Friday 9th of Ramadan, 1436 - Jun 26th, 2015 |
عِبَادُ الرَّحْمَن قَولًا وفِعلًا: التَّواضُعُ والحِلْمُ (١) الجمعة فلادلفيا ٩ رمضان ١٤٣٦ هـ - ٢٦ حزيران ٢٠١٥ر |
God's Worshipers 2: Tahajjud Part 1 Philadelphia, PA - Friday 23rd of Ramadan, 1436 - Jul 10th, 2015 |
عِبَادُ الرَّحْمَن قَولًا وفِعلًا: التَّهَجُّد (٢) الجمعة فلادلفيا ٢٣ رمضان ١٤٣٦ هـ - ١٠ تموز ٢٠١٥ر |
God's Worshipers 3: Tahajjud Part 2 Philadelphia, PA - Friday Jul 25th, 2015 |
عِبَادُ الرَّحْمَن قَولاً وفِعلاً: التهجد (٣) الجمعة فلادلفيا الجمعة فلادلفيا ٨ شوَّال ١٤٣٦ هـ - ٢٤ تموز ٢٠١٥ر |
God's Worshipers 4: Torture of Hellfire Part 1 Philadelphia, PA - Friday Aug 7th, 2015 |
عِبَادُ الرَّحْمَن قَولاً وفِعلاً: عَذابُ جَهَنَّمَ (٤) الجمعة فلادلفيا ٢٢ شوَّال ١٤٣٦ هـ - ٧ ءاب ٢٠١٥ر |
God's Worshipers 5: Torture of Hellfire Part 2 Philadelphia, PA - Friday Aug 28th, 2015 |
عِبَادُ الرَّحْمَن قَولًا وفِعلًا: عَذابُ جَهَنَّمَ (٥) الجمعة فلادلفيا ١٤ ذو القَعدة ١٤٣٦ هـ - ٢٨ ءاب ٢٠١٥ر |
God's Worshipers 6: Torture of Hellfire Part 3 Philadelphia, PA - Friday Nov 13th, 2015 |
عِبَادُ الرَّحْمَن قَولًا وفِعلًا: عَذابُ جَهَنَّمَ (٦) الجمعة فلادلفيا أوَّل صَفَر ١٤٣٧ هـ - ١٣ ت٢ ٢٠١٥ر |
God's Worshipers 7: Extravagance & Stinginess Part 1 Philadelphia, PA - Friday Dec 11th, 2015 |
عِبَادُ الرَّحْمَن قَولًا وفِعلًا: الإسرافُ والتَّقْتيرُ (٧) الجمعة فلادلفيا ٢٩ صفر ١٤٣٧ هـ - ١١ك١ ٢٠١٥ر |
God's Worshipers 7: Extravagance & Stinginess Part 2 Philadelphia, PA - Friday Jan 8th, 2016 |
عِبَادُ الرَّحْمَن قَولًا وفِعلًا: الإسرافُ والتّقْتيرُ (٨) الجمعة فلادلفيا ٢٨ ربيعٌ الأوَّل ١٤٣٧ هـ - ٨ ك١ ٢٠١٦ر |
الحمد لله الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا* والصلاةُ والسلام على نبيّـِه محمدٍ أرسله للعالَمين مُبشّـِرًا ونذيرًا* وعلى ءاله وصحبه وتابعيهم مِمَّن جاهد نفسَه فصار من عذابِ الله حَذيرًا* وبعدُ عبادَ الله اتقوا اللهَ. قال الله تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا* وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فى الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِىٌّ مّـِنَ الذُّلّ وَكَبّـِرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ (الإسراء ١١٠-١١١).
كنا فى الخطبة السابقة ذكرنا أن عباد الرحمن لهم أوصاف مدَحهم اللهُ بها، أولها المشىُ بالسكينة والوقار والردُّ على الجاهلين بما يسلمهم من المعاصى، كما فى الآية: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا* ﴾ ٦٣
ثم قال الله تعالى فى وصف ليلهم: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبّـِهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا* ﴾ ٦٤
والمعنى يبيتون لربهم فى الليل بالصلاة سجّدا على وجوههم وقياما على أقدامهم. قال الزجَّاج: بات الرجل يبيت إذا أدركه الليل، نام أو لم ينم. وقال ابن عباس: من صلى ركعتين أو أكثر بعد العشاء فقد بات لله ساجدا وقائما. وقال الكلبىّ: من أقام ركعتين بعد المغرب وأربعا بعد العشاء فقد بات ساجدا وقائما. وفى صحيح مسلم عن عثمان بن عفان رضى الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ﷺ يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنّمَا قَامَ نِصْفَ ليلة. وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنّمَا صَلَّى اللّيْلَ كُلَّهُ".
والليل عظيم قدره. أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام بقيامه فقال تعالى: ﴿ ومِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّدْ بِه نَافلَةً لَكَ ﴾ (الإسراء ٧٩)، أى: ووقتًا من الليل اسهَرْ به فى صلاة وقراءة. والتَّهَجُّدُ من الهجود وهو من الأضداد. يقال: هجد نام، وهجد سهر على الضد. والتهجد التيقظ بعد رقدة؛ فصار اسمًا للصلاة لأنه ينتبه لها. فالتهجد القيام إلى الصلاة من النوم. ويسمى من قام إلى الصلاة مُتَهَجّـِدًا لأن المتهجّـِدَ هو الذى يُلْقِى الهجودَ (النومَ) عن نفسه. وكانت صلاةُ الليل فريضةً على النبى ﷺ وأمتِه ابتداءً لمدة سنة (وقيل لعشر سنين) لقوله تعالى: ﴿ قُمِ اللَّيلَ إلَّا قَليلًا ﴾ (المزّمّل ٢). ثم نزَل التخفيفُ فصار الوجوب منسوخًا فى حق الأمة بالصلوات الخمس، وبقِىَ قيامُ الليل على الاستحباب فى حقهم وعلى الوجوب فى حقه ﷺ.
وعن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رضِىَ الله عنه أن النبىَّ ﷺ قَالَ له: أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النّارَ، وَصَلاَةُ الرّجُلِ مِنْ جَوفِ الّليْلِ.[1] قَالَ: ثُمّ تَلا: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبّهُمْ ﴾ حَتّى بَلَغَ ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾. رواه الترمذى وقال هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. أى ترتفع وتنبو عن مواضع الاضطجاع فى التنفل بالليل. أى تتجافى جنوبهم وهم أيضا فى كل حال يدعون ربَّهم ليلَهم ونهارَهم خوفًا من العذاب وطمعًا فى الثواب. ﴿ ومما رزقناهم ينفقون ﴾، قيل: معناه الزكاة المفروضة. وقيل: النوافل؛ وهذا القول أمدح. وأخبر تعالى بما لهم من النعيم الذى لم تعلمه نفسٌ ولا بشرٌ ولا ملَكٌ. وفى معنى هذه الآية روى مسلم عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السّاعِدِىّ رضِىَ الله عنه قال: شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ ﷺ مَجْلِسًا وَصَفَ فِيهِ الْجَنّةَ حَتَّى انْتَهَى. ثُمّ قَالَ ﷺ فِى ءاخِرِ حَدِيثِهِ: "فِيهَا مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ" ثُمّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الاَيَةَ: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ* فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (السجدة ١٦-١٧).
أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد. عباد الله اتقوا الله.
ثم إن الصلاةَ كانت فريضةً مكتوبةً فى جميع الشرائع بركوع وسجود وإن اختلف عددها فى اليوم والليلة. دعا إليها الأنبياءُ وأوصى اللهُ بها عبادَه من سائر الأمم. والفرائض هى أعلى الخيرات ثم يتبعها النوافل. والصلاةُ المفروضةُ هى ثانيةُ أعظمِ أمور الإسلام ودعائمِه العظام. هى بعد الشهادتين ءاكَدُ مفروضٍ وأجلُّ طاعةٍ. والمحافظةُ عليها عنوانُ الصِدقِ والإيمانِ، والتهاونُ بها علامةُ الخذلانِ والخُسرانِ. قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ* ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ﴾. (الماعون ٤-٥) فإنَّ تركَ الصلاة تعمُّدًا وإخراجَها عن وقتها كسَلًا وتهاوُنًا وانشغالًا بالنوافل وما دون ذلك من أكبرِ الكبائرِ.
وعن أبى هريرة رَضِىَ اللَّهُ عَنهُ قال: قال رَسُول اللَّهِ ﷺ: "وأفضلُ الصلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ الليل" رَوَاهُ مُسلِمٌ.[2] وعن عبد اللَّه بن سلام رَضِىَ اللَّهُ عَنهُ أن النبىَّ ﷺ قال: "أيُّها الناسُ أَفشُوا السلام، وأَطعِمُوا الطعام، وصَلُّوا بالليل والناسُ نيام، تدخلوا الجنةَ بسلام." رَوَاهُ التّرمِذِىُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات.
الجمعة فلادلفيا ٢٣ رمضان ١٤٣٦ هـ - ١٠ تموز ٢٠١٥ر
[1] خرج النسائىّ والترمذىّ من حديث أبى أمامة: قيل يا رسول الله أىُّ الدعاءِ أسمعُ؟ قال: جوفُ الليل الآخِر ودُبرَ الصلوات المكتوبات. وفى لسان العرب: وقوله فى الحديث قيل له: أَىُّ الليلِ أَسمَعُ؟ قال: جَوْفُ الليلِ الآخِرُ أَى ثلثُه الآخِرُ، وهو الجزء الخامس من أَسْداس الليل.
[2] قال النووى: فيه دليل لما اتفق العلماء عليه أن تطوُّعَ الليل أفضلُ من تطوع النهار. وفيه حجة لأبى إسحاق المروزى من أصحابنا ومن وافقه أن صلاة الليل أفضل من السنن الراتبة. وقال أكثر أصحابنا: الرواتب أفضل لأنها تشبه الفرائض، والأوَّلُ أقوى وأَوْفَقُ للحديث.