الأشهر الحرم

INSTRUCTIONS: Click here to download the file


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد عباد الله اتقوا الله.

يقول الله تعالى: ﴿ يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ﴾.

قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَ‌ٰلِكَ الدّينُ الْقَيّـِمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ* إِنَّمَا النَّسِىءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرّمُونَهُ عَامًا لّـِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيّـِنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ* ﴾. (التوبة ٣٦-٣٧)

بيَّن الله سبحانه وتعالى لنا أن عددَ شهورِ العامِ فى حكمه سبحانه -كما هو مسطور فى اللوح المحفوظ- اثنا عشر من غير زيادة وهى: مُحَرَّمٌ (المُحَرَّمُ) وصَفَرٌ وربيعٌ الأولُ وربيعٌ الآخِرُ وجُمادَى الأُولَى وجُمادَى الآخِرة ورَجَبٌ وشَعبانُ ورَمَضَانُ وَشَوَّالٌ وَذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ. فالله سمّاها بأسمائها على ما رتَّبها عليه يوم خلق السموات والأرض، وأنزل ذلك على أنبيائه في كتبه المنزلة. وقال العلماء إنَّ حفظَ هذه الشهور ومراقبةَ أهِلَّتِها فَرضُ كفايةٍ أى يجب على طائفة من المسلمين فى ناحية من النواحى أن يحفظوها ويراقبوا ابتداءها وانتهاءها وإلا إن قصَّر الجميع فى ذلك أثموا جميعا. فواجب على المسلمين أن يتخذوا هذا الحساب الصحيح -المرتكز على المراقبة الشهرية للأهلة- فى صومهم وحجهم وزكاتهم وأعيادهم وغير ذلك من سائر أحكام المسلمين المرتبة على الشهور.

﴿ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ قال رسولُ الله ﷺ فى حَجَّة الوَداع: ”ألَا إنَّ الزمانَ قد استدارَ كهيئته يومَ خَلق اللهُ السمواتِ والأرضَ. السنةُ اثنا عشَر شهْرًا. منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثةٌ [سَردٌ] متوالياتٌ: ذو القَعدة وذو الحِجة والمحرم، ورجبُ مُضَرَ الذى بين جُمادَى وشعبانَ.“ رواه الإمام أحمد وأخرجه البخارى فى التفسير بتمامه. وسبب تسمية هذه الأشهر بالحرم أن العرب كانوا فى الجاهلية يحرّمون على أنفسهم القتالَ فيها، حتى لو أن أحدَهم لقِىَ قاتلَ أبيه وابنه وأخيه فى هذه الأشهر الأربعة لم يهيّـِجه. وكذلك لتعظيم انتهاك المحارم فيها أشد من تعظيمه فى غيرها وكذلك تعظيم الطاعات فيها.

﴿ ذَلِكَ الدّينُ الْقَيّـِمُ ﴾ أى الدين المستقيم لا ما يفعله أهل الجاهلية يعنى أن تحريم الأربعة الأشهر هو الدين المستقيم ودينُ إبراهيمَ وإسماعيلَ. وكانت العرب تمسَّكت به فكانوا يعظّمونها ويحرّمون القتالَ فيها حتى أحدثت النَّسِىءَ فغيَّروا.

﴿ إِنَّمَا النَّسِىءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِـئوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ﴾ أى فعلهم النسىء زيادة فى كفرهم وهو تأخير حرمة الشهر إلى شهر ءاخر. وذلك أنهم كانوا أصحابَ حروب وغارات، فإذا جاء الشهرُ الحرام وهم محاربون شقَّ عليهم تركُ المحاربة فيحلونه ويحرّمون مكانه شهرًا ءاخر حتى رفضوا تخصيصَ الأشهر الحُرُم بالتحريم ، فكانوا يحرمون من بين شهور العام أربعة أشهر. فإذا أحلوا شهرًا من الأشهر الحرم عامًا رجعوا فحرموه فى العام القابل ليوافقوا العدة التى هى الأربعة ولا يخالفوها. وقد خالفوا التخصيص الذى هو أحد الواجبين. فأحلوا بمواطأة العدة وحدها من غير تخصيص ما حرَّم اللهُ من القتال أو مِنْ تَرْكِ الاختصاص للأشهر بعينها.

أقول قولىَ هذا وأستغفر اللهَ لى ولكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد. عباد الله اتقوا الله

أيها المسلمون. نحن فى العشر الأوئل من شهر ذى الحجة. اليوم هو الرابع من ذى الحجة من السنة ١٤٣٦ هـ. ويوم عرفة هو يوم الأربعاء القادم ثم عيد الأضحى الخميس فى الرابع والعشرين من أيلول ٢٠١٥ر. فأقبلوا على الطاعات وابتعدوا عن المعاصى. أدوا الواجبات من صلاة وتعلم للضرورى من الدين وتعليم لطالبه. واجتنبوا المحرمات وأعظمها الكفر بالله كالاستهزاء بالله ورسوله ودينه قولا واعتقادا، وكذا تشبيه الله بخلقه بنسب المكان والأعضاء والحركات والتعب والولد والشريك له سبحانه باللسان والقلب. وكتحريم الحلال الظاهر وتحليل الحرام المجمع على تحريمه.

عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: ”ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام (يعنى أيام العشر). قالوا: يا رسول الله ولا الجهادُ فى سبيل الله؟ قال: ولا الجهادُ فى سبيل الله، إلا رجلٌ خرَج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشىء.“ رواه البخارىّ وأبو داود والترمذى وقال حسن صحيح غريب وابن ماجه. فالثواب للطاعات فيها أكبر مما هو فى غيرها. وكذلك الإثم فيها أشد. فيستحب الإكثار من نوافل الطاعات فيه كالصيام وخاصة صيام يوم عرفة التاسع من ذى الحجة. فعن أبى قتادة رضى الله عنه قال: سئل رسول الله ﷺ عن صوم يوم عرفة قال: ”يُكَفّـِرُ السنةَ الماضيةَ والباقيةَ.“ رواه مسلم. أى يُكَفّـِر التى ءاخِرُها سَلْخُ (ءاخِر شهرِ) ذى الحِجّة والآتيةَ وأوَّلُها المُحَرَّمُ. والمُكفَّر صغائرُ الذنوب المتعلقةُ بحق الله. ثم صومُه إنما يندب لغير الحاجّ الواقف فى عرفة نهارا. أما هو فالأفضل له الفطرُ اتّباعا لفعله ﷺ. ومثله صيام عاشوراء أى العاشر من محرم يكفّر ذنوبَ السنة الماضية.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات.

اللهم ارزقنا حج بيتك وزيارة نبيك والموت على الإيمان. وانصرنا على أهوائنا وأعدائنا.

الجمعة فلادلفيا ٤ ذو الحِجَّة ١٤٣٦ هـ - ١٨ أيلول ٢٠١٥ر


Loading...

Share this post

Submit to DiggSubmit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to StumbleuponSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn