الحث على طلب العلم الشرعىّ فى رمضان

Listen to this Article in English Seeking Islamic Knowledge in Ramadan

الحمد لله المُنعِم البَرّ* يجعل مِن عباده مَن شاء مِفتاحًا للخير مِغلاقًا للشرّ* والصلاة والسلام على سيدنا محمَّدٍ النذيرِ البشيرِ لكلِّ فاجِرٍ وبَرّ* وعلى ءاله وصحبِه وكلِّ تقِىٍّ لله ساجدًا خَرَّ* وبعد، فيا عبادَ الله اتقوا الله. قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ يأيها الذين ءامنوا اتقوا اللهَ وقولوا قولاً سديدًا ﴾ (الأحزاب ٧٠).

أما بعد اخوة الإيمان فها قد دخل علينا شهر كريم مبارك ألا وهو شهر رمضان أفضلُ شهور السنة. وهو شهر القرءان، شهر ليلة القدر، شهر الصيام والقيام، شهر الصبر على طاعة الله والصبر عن معصيته، شهر المواساة والتوبة. وهو أيضا شهر الانتصارات فى بدر الكبرى وفتح مكة وغيرهما. اغتنمه من اغتنم وغفل عنه من غفل. فطوبى لمن أخذ لنفسه من هذا الشهر العظيم ما يَسُرُّه لو رءاه في صحيفته يوم العرض الأكبر.

ثم إن ابنَ ماجهْ روَى أن رسولَ الله ﷺ قال: “يا أبا ذرّ لأنْ تَغدُوَ فتتعلَّمَ ءايةً من كتاب الله خيرٌ لك من أن تُصلّـِىَ مائةَ ركْعةٍ، ولأنْ تَغدُوَ فتتعلَّمَ بابًا من العلم خيرٌ لك من أن تُصلّـِىَ ألفَ ركْعةٍ.”

إنَّ هذا الحديثَ يُظهِر عظيمَ فضلِ العلم عند الله عز وجل. فلو كان العبد من النشيطين فصلى التراويحَ كلَّ ليلة من رمضانَ عشرين ركعةً ما بلغَ عددُ ما صلاَّهُ كلَّ الشهر ألفَ ركعةٍ ولو صلَّى معها الوِترَ ثلاثَ ركَعَاتٍ (٢٣*٣٠=٦٩٠ ركعة). أما لو جاء إلى مجلس العلم طلبًا له فأخذ بابًا كالتوحيد والطهارةِ والمعاملات كان له ثوابٌ أعلى من صلاته من النوافل ألفَ ركعة بأركانها وشروطها وخشوعها. وكم مصَلّ ٍ يحصُل له الثوابُ كاملاً؟ بل قليلٌ من المصلين مَن يأتى بالصلاة كاملةً بأركانها وخشوعها. وكذا تعلُّمُ ءاية ثوابُه أعظمُ من صلاةِ مائةِ ركعةٍ من النوافل. والجهدُ فى تعلُّم الآية أو الباب من العلم أقلُّ منه فى أداء تلكَ الركَعات مع ما تحتاج هذه من وقت طويل لأدائها. والإمام الشافعىُّ بيَّن أن طلبَ العلم أفضلُ من أداء النوافل.

ثم إنَّ أنَسًا رضىَ الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “مَن خرج فى طلب العلم فهو فى سبيل الله حتى يرجعَ.” رواه الترمذىُّ وقال حديث حسن. أى أن الذى خرج فى طلب العلم فى بلده أو إلى غُربةٍ ثوابُه كثواب الخارج للجهاد فى سبيل الله. والجهادُ فى سبيل الله درجة عالية من أعلى الدرجات. وقد جعل الله للمجاهدين فى سبيله مائةَ درجةٍ ما بين درجة ودرجةٍ كما بين السمَاء والأرض. فهذا الذى خرج يطلب العلمَ مَثَلُه كمثَل هذا الذى خرج حاملاً سلاحَه لوجه الله ليقاتلَ أعداءَ الله. وذلك لأن علمَ الدين سلاحٌ يدافِعُ به المؤمنُ الشيطانَ من الجِنّ وشياطينَ الإنس وهواه.

أقول قولىَ هذا وأستغفر اللهَ لى ولكم.

الحمد لله على التوفيق للتوحيد* والصلاة والسلام على رسول الله المبعوثِ إلى القريب والبعيد* وعلى ءاله وأصحابِه وأشياعِه أهلِ الاعتقاد السديد* أما بعد، عبادَ الله اتقوا الله.

قال الله تعالى: ﴿ فَسْئلوا أهلَ الذّكْرِ إن كنتم لا تعلمون ﴾ (النحل ٤٣؛ الأنبياء ٧). ورَوَى الطَّبَرانِىُّ قولَه صلى الله عليه وسلم: “يا أيها الناسُ تَعَلَّموا، فإنَّ العلمَ بالتعلُّم.” ففى الآية والحديث إفادةُ أن طلبَ العلم لا بد أن يكون من أهله الثقاتِ المسنَدين إلى رسول الله ﷺ. فلو قرأ الرجلُ ءالافًا من الكتب دون تلقّ ٍ لا يُسَمَّى متعلما بل صَحَفِيًّا أى طالَعَ فى الصُّحُف. وهذا دليل على أنَّ الإسنادَ فى الدين مُهِمٌّ. قال عبدُ الله بنُ المُبارَك: “الإسنادُ من الدين. ولولا الإسنادُ لقال مَن شاءَ ما شاءَ.” وقال الإمام النووىُّ فى التّـِبيان فى ءاداب حَمَلة القرءان فى فصل فى ءاداب المتعلم (ص ٤٥): “ولا يتعلَّم إلا ممَّن تكَمَّلتْ أهليَّتُه وظَهرت ديانتُه وتحقَّقت معرفتُه واشتهرت صيانتُه. فقد قال الإمامان محمدُ بنُ سِيرِين ومالكُ بن أنَسٍ وغيرُهما من السلف: هذا العلمُ دينٌ فانْظُروا عَمَّنْ تأخُذُون دينَكم.” إهـ. وقولُ الإمام التابعىّ الجليلِ محمدِ بنِ سِيرِين: “إنَّ هذا العلمَ دينٌ فانْظُروا عَمَّنْ تأخُذُون دينَكم.” رواه مسلم فى مقدمة صحيحه.

ونبيّن لكم أن الشيخ المحدثّ عبد الله الهررىّ -الذي قد مر على وفاته ثلاث سنوات قمرية وثلاثة أيام- قال في حديث يتداوله الناس عن رمضان أنه ضعيف وتَرْكُ روايتِه أحسنُ حتى مع صيغة التضعيف. لا ينبغى روايته.

جعلنا الله وإيَّاكم فى هذا الشهر المبارك ممن طلب العلم إرضاءً له سبحانه. ويسَّر لنا جميعًا تلقّيه من أهله. ووفقَّنا إلى العمل بمقتضاه ثم إلى نشره كما أمَر.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات. اللهم اجعلنا من عتقاء رمضان. اللهم ارزقنا رؤيةَ ليلة القدر وحُسنَ الدعاء فيها. اللهم ارزقنا رؤية النبىّ ﷺ هذه الليلة وكلَّ ليلة.


قال الشيخ المحدثّ عبد الله الهررىّ
أن هذا الحديث ضعيف، وتَرْكُ روايتِه أحسنُ حتى مع صيغة التضعيف. لا ينبغى روايته
قال سلمانُ الفارسىّ رضى الله عنه: خطبَنا رسولُ الله ﷺ ءاخِرَ يوم من شعبانَ فقال: "يا أيها الناسُ، قد أظَلَّكُم شهرٌ عظيمٌ مبارَكٌ. شَهرٌ فيه ليلةٌ خيرٌ من أَلْفِ شهرٍ. شهرٌ جعل اللهُ صِيامَه فريضةً، وقِيامَ ليله تطوُّعًا. ومَن تَقَرَّب فيه بخَصْلَةٍ من الخيرِ كان كمن أدَّى فريضةً فيما سِواه. ومن أدَّى فريضةً فيه كان كمن أدَّى سبعينَ فريضةً فيما سواه. وهو شهرُ الصَّبر. والصَّبرُ ثَوابُه الجَنَّةُ. وشهرُ المُواساةِ. (وشهرٌ يُزادُ فى رزق المؤمِنِ فيه) مَن فَطَّر صائِمًا كان مغفِرةً لذُنوبه، وعِتقَ رقَبتِه من النار. وكان له مثلُ أجره من غير أن يَنقُصَ من أجره شىءٌ. قالوا: يا رسولَ الله، ليس كلُّنا يَجدُ ما يُفطّـِرُ الصائمَ! فقال رسولُ الله ﷺ: يُعطِى اللهُ هذا الثَّوابَ مَن فطَّر صائمًا على تَمْرَةٍ أو على شَربَةِ ماءٍ أو مَذْقةِ لَبَنٍ. وهو شهرٌ أوَّلُه رَحْمةٌ وأوسطُه مغفِرةٌ وءاخِرُه عِتْقٌ من النار. (فاستكثِروا فيه من أربعِ خصالٍ: خَصلتين تُرضون بهما ربَّكم. وخصلتين لا غَناءَ بكم عنهما. فأمَّا الخصلتان اللتان تُرضون بهما ربَّكم: فشهادةُ أن لا إله إلا اللهُ وتستغفرونه. وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما: فتسألون اللهَ الجَنة وتعوذون به من النار.) ومَن سقَى صائمًا سقاه اللهُ من حَوضِى شَربةً لا يظمأ حتى يدخلَ الجنة."

Share this post

Submit to DiggSubmit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to StumbleuponSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn